الرئيس عون خلال لقاء الموفد الفرنسي.
الرئيس عون خلال لقاء الموفد الفرنسي.
تابعوا عكاظ على
Google News Account
لم تحمل زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت أمس (الثلاثاء)، أي جديد فعلي يذكر، سوى التذكير بما سبق وأُعلن في جولات سابقة، مع إعادة تدوير العناوين ذاتها بلغة دبلوماسية أكثر مباشرة هذه المرة.

لودريان الذي التقى الرؤساء اللبنانيين الثلاثة، سمع موقفاً رسمياّ موحداً يؤكد على ضرورة الانصراف نحو إعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة، والتشديد على إلزام إسرائيل بتنفيذ القرار 1701، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الجنوب، في ظل تصاعد الخروقات الإسرائيلية وتدهور الوضع الحدودي.

ورغم حرص لودريان على تأكيد استمرار التزام باريس بدورها التقليدي تجاه لبنان، بدا واضحاً أن الحراك الفرنسي يجري ضمن هوامش ضيقة فرضها الموقفان الأمريكي والإسرائيلي، اللذان لا يزالان يشترطان تطبيقاً كاملاً للشروط الدولية قبل أي مساعدة فعلية.

باريس مستعدة للمساعدة، لكنها تنتظر من بيروت أن تقدم «شيئاً ما»، ولو بالحد الأدنى حتى تتمكن من حشد دعم دولي فعلي يخرجه من مأزقه المتفاقم.

الزيارة جاءت في سياق مزدوج: أولاً، الاطلاع على مسار الإصلاحات المطلوبة والتي تعتبر مدخلاً لا غنى عنه لعقد مؤتمرين مرتقبين مطلع العام القادم، أحدهما لدعم الجيش اللبناني والآخر لإعادة إعمار المناطق المنكوبة. وثانياً، التمهيد لموقف فرنسي أكثر صرامة في ما يخص ملف الأمن الجنوبي وتنفيذ القرار 1701، خصوصاً في ظل تجاذبات دولية بدأت تظهر بوضوح حول دور قوات اليونيفيل والتمديد لها، على وقع المخاوف من عودة الحرب أو تدهور الوضع الأمني مجدداً.

المصادر الفرنسية لا تُخفي أن باريس لم تعد تقتنع بإمكانية استمرار لبنان في إدارة الظهر لمسألة سلاح حزب الله، الذي تعتبره عائقاً أمام أي عملية تعافٍ سياسي أو اقتصادي. من هنا، يأتي التشديد الفرنسي على أن ربط إعادة الإعمار بالاستقرار الجنوبي وتطبيق القرارات الدولية بات أمراً محسوماً لدى المجموعة الدولية خصوصا «اللجنة الخماسية» التي باتت ترى أن الاستقرار وحده يشجع المانحين على الاستثمار من دون خشية من عودة الدمار.

في المحصلة، لم تخرج زيارة لودريان عن كونها محطة جديدة في سياق الضغط السياسي الخارجي على الدولة اللبنانية، دون أن تحمل أي آلية تنفيذية أو مبادرة خلاقة قادرة على كسر الجمود. بقيت الزيارة في حدود إعادة التعبير عن المواقف نفسها، بينما يستمر الداخل اللبناني في التعاطي مع هذه الملفات بنَفَس المراوحة والرهان على الوقت.